المحكمة تمدد احتجاز المطران ميكائيل أجايباهيان وتمنع لقاؤه بكاثوليكوس الأرمن… الكنيسة: القضية معركة من أجل حرية الإيمان والكلمة

— يريفان 16 أغسطس/ آب 2025
في تطوّر قضائي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الكنسية والحقوقية، رفضت المحكمة طلب فريق الدفاع للإفراج عن رئيس أسقفية شيراك في الكنيسة الرسولية الأرمنية، سيادة المطران ميكائيل أجايباهيان، ومدّدت فترة احتجازه عشرة أيام إضافية، رغم المناشدات الكنسية والحقوقية المطالِبة بإطلاق سراحه الفوري.
كما لم يُسمح لكاثوليكوس عموم الأرمن الأرثوذكس، قداسة كاريكين الثاني، بزيارة المطران أجايباهيان في مكان احتجازه السابق للمحاكمة، وذلك بقرار من المحقق المختص، بحسب ما أكده محامي المطران، الأستاذ ييريم سركسيان، الذي أوضح أن “لا أساس قانونياً لرفض الزيارة، وأن اللقاء مع الكاثوليكوس لم يكن ليؤثر على سير التحقيق بأي شكل”.

بيان الكرسي الأم المقدس في إتشميادزين
“إن قرارات المحكمة بتمديد احتجاز سيادة المطران ميكائيل أجايباهيان، والمحسن القومي سامفيل كارابتيان، تمثّل انتهاكاً جديداً للعدالة، وتؤكد مرة أخرى التبعية الكاملة للمحاكم للسلطة السياسية الحاكمة.
إن مثل هذه القرارات التعسفية تمنح القضاء طابعاً عقابياً، وتحوله إلى أداة لقمع حرية التعبير وحرية الدين.
هذه الممارسات سمة من سمات الأنظمة الشمولية، ولا تمت بصلة للقيم الديمقراطية التي تتغنى بها السلطات.
إن أعمال القمع والإرهاب الإعلامي ضد الكنيسة، ورجالها، وأنصارها، لن تستطيع إسكات صوت الضمير والعدالة.
نطالب بإعادة الحقوق كاملة إلى سيادة المطران ميكائيل أجايباهيان، والمحسن القومي سامفيل كارابتيان، ووقف الملاحقات غير القانونية، والإفراج الفوري عنهما من الحجز”.

تفاصيل الجلسة القضائية
عُقدت الجلسة الأولى في قضية المطران أجايباهيان يوم 15 أغسطس/ آب، بحضور فريق دفاع مكوّن من خمسة محامين، حيث نوقش طلب تغيير إجراء التوقيف في جلسة علنية.
أكد المطران في كلمته أمام المحكمة:
«لم أشعر يوماً أنني أكثر حرية مما كنت عليه في هذه الخمسين يوماً. وويلٌ لرجال الدين الذين يخافون أو ينهارون أمام تهديد السجن».
واستخدم المطران أجايباهيان عبارات حادة في وصفه لأفعال السلطات، مقارناً إياها بالاتحاد السوفيتي:
«منذ أن دخلت المجال الكنسي، واجهت الإمبراطورية السوفيتية العظيمة، لكن الاتحاد السوفيتي لم يرتكب هذا الخطأ ولم يصدر حكماً ضدي. لم تسجنني السلطات السوفيتية التي كنت دائم الانتقاد لها، ولم تسجنني سلطات حركة الاستقلال الوطنية التي كنت أنتقدها أيضاً، ولم يسجنني نظام كوتشاريان أو نظام سيرج سركسيان، اللذان كنت أنتقدهما دائماً. كان لا بد أن أصل إلى هذا البلد المضيء الثوري الديمقراطي، حتى أُسجن كمجرم».

ويواجه المطران اتهاماً بـ”الدعوة للاستيلاء على السلطة” استناداً إلى مقابلة أجراها قبل عام تحدث فيها عن “ضرورة الانقلاب”، وهي تصريحات سبق أن رأت النيابة العامة حينها أنها لا تحتوي على أي مكوّن جرمي، لكنها عادت واعتبرتها ذات صلة بعد أن كرر المطران الفكرة في يونيو 2025، وفقاً لما ورد في مذكرة الاتهام.

موقف الادعاء والدفاع
أصرّ المدعي العام على استمرار احتجاز المطران، بدعوى احتمال “عرقلة التحقيق” و”إمكانية ارتكاب جريمة جديدة”. في المقابل، شدّد فريق الدفاع على عدم وجود أي أساس قانوني لاستمرار التوقيف، مشيراً إلى أن “هناك متهمين في قضايا أكثر خطورة غير محتجزين، بينما يُحتجز المطران أجايباهيان منذ خمسين يوماً بسبب أقواله”.
كما رفضت المحكمة طلب الدفاع بنقل القضية إلى مدينة غيومري، وطلب وقف الملاحقة الجنائية، إذ تم رفض الطلب جزئياً وتأجيل النظر في جزء آخر منه.
وقال أحد المحامين:
«في مسيرة هذا القاضي المهنية، لن تتكرر قضية كهذه، إذ قام من دون موافقة أي من الأطراف بتحديد أربع جلسات قضائية متتالية في أيام متتابعة. هو يدرك تماماً أن هذه القضية استثنائية، وفي ظل هذه الاستثنائية، وبغياب أي دليل مضاد، استخدم فقط الصلاحية التي يمنحها له القانون لاتخاذ القرار. لكن ما قام به في الحقيقة ليس قراراً قضائياً بالمعنى القانوني، بل إجراء مخالف للقانون».

أجواء الجلسة وردود الأفعال
استمرت الجلسة أكثر من أربع ساعات، وانتهت بقناعة فريق الدفاع بأنه من المستحيل الحصول على محاكمة عادلة في ظل الظروف الحالية. وأكدوا أن القضية تسير وفق “تعليمات” تُنفذ بحذافيرها، مشيرين إلى أن السلطة تسعى لإغلاق الملف بسرعة غير مسبوقة، وهو ما اعتبروه دليلاً على البعد السياسي للقضية.
شهدت قاعة المحكمة حضوراً كثيفاً من رجال الدين والمواطنين، بعضهم قدم خصيصاً من مدينة غيومري، في تعبير واضح عن التضامن الشعبي والكنسي مع المطران أجايباهيان.
ومن المقرر أن تُعقد الجلسة المقبلة في 18 أغسطس، تليها عدة جلسات متتالية حتى 25 أغسطس.

إن قضية سيادة المطران ميكائيل أجايباهيان لم تعد شأناً قضائياً فحسب، بل أصبحت رمزاً للصمود الكنسي في وجه الضغوط والتحديات التي تهدد حرية الإيمان والكلمة. وبينما تتواصل جلسات المحاكمة في ظل أجواء سياسية وقضائية مشحونة، تبقى الكنيسة الأرمنية الرسولية، بقيادة كاثوليكوس عموم الأرمن الأرثوذكس قداسة كاريكين الثاني، ثابتة في موقفها الداعي إلى إحقاق الحق وإرساء العدالة.
وفيما يترقب المؤمنون والجماعات الكنسية حول العالم تطورات هذه القضية، يظل صوت الضمير يدوّي:
“الحق يعلو ولا يُعلى عليه، والظلم مهما طال زمنه، زائلٌ أمام نور الحقيقة.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *